شرح اختصاص المحاكم العامة بجميع أنواعها ، يعتبر العدل من القيم الأساسية التي ينبغي حمايتها في أي مجتمع، وتمثل المحاكم العامة جزءًا حاسمًا في تحقيق هذه القيمة. فعلى الرغم من أن المجتمع يمتلك العديد من الوسائل المختلفة لحل النزاعات، فإن المحاكم العامة تلعب دورًا كبيرًا في التخفيف من التوترات الاجتماعية وإعطاء الناس الثقة في النظام القائم. لذلك، يجب أن يكون لدى كل مجتمع محاكم عامة فعالة وذات صلاحية، ونحن سنناقش في هذا المقال اختصاص المحاكم العامة في العديد من الدول.
محكمة النقض
تمثل محكمة النقض قمة هرم التنظيم القضائي المغربي وتُعنى بالاختصاص القضائي الأساسي في البت في الطعون المرفوعة ضد الأحكام الصادرة من المحاكم الأخرى. كما تقوم بدور مهم في مراقبة تطبيق القانون، وتوحيد الاجتهاد القضائي والحفاظ على حقوق الإنسان والتزام المحاكم بتطبيق القانون بشكل عادل. تشمل نفوذها جميع التراب الوطني، ويوجد مقرها في المغرب. صُمم اختصاص محكمة النقض لمراقبة تطبيق القوانين في المسائل الشكلية والأصولية، وتحدده نصوص قوانين المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية، وقوانين المحاكم الإدارية والتجارية وغيرها من النصوص. لذلك، تُعتبر محكمة النقض رمزاً للعدالة والحق في المغرب.
محكمة الاستئناف
تعد محاكم الاستئناف من بين أهم المحاكم في النظام القضائي المغربي، حيث تتولى دراسة القضايا التي ابتدأت في محاكم الدرجة الأولى. وتعد هذه المحاكم محاكم من درجة ثانية تقوم بالنظر في القضايا الاستئنافية التي يتم استئنافها من قبل الخصوم في الدعاوى المدنية والجنائية، وذلك بموجب قانون المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية. وتتكون محاكم الاستئناف من رئيس وقضاة مستشارين، بالإضافة إلى النيابة العامة التي يتولاها وكيل الجمهورية ونوابه. ويتم تشكيل هذه المحاكم بحسب أهميتها، إذ تتضمن بعضها أقسامًا مختصة بجرائم الأموال وأخرى بالتحقيق والجنايات الاستئنافية. ويهدف استئناف الحكم إلى ضمان الدقة وإعمال القواعد الشرعية والنظامية في تحريره، وذلك من خلال إعادة الفصل في القضية من حيث الوقائع والقواعد أمام محكمة الدرجة الثانية الاستئناف.
المحكمة الابتدائية
تعتبر المحاكم الابتدائية أو المحاكم الدرجة الأولى من أهم المحاكم العامة في المملكة. فهي تختص بالنظر في جميع الدعاوى المدنية والاجتماعية والزجرية، وتصدر الأحكام وفقًا للقانون والنظام القضائي المعمول به. وتتشكل هذه المحاكم في عدد من الأقسام بحسب نوع القضايا المطروحة، منها قضايا الأسرة والحوادث والأمراض المهنية والنزاعات الشغلية والقضايا الجنائية، ويتم تنظيم العمل القضائي بها بجهود القاضي ووكيل الملك والنواب. وتعمل هذه المحاكم على تطبيق العدالة بكل أمانة ونزاهة في جميع المحافظات بالمملكة.
المحكمة الجزئية
تعد المحكمة الجزئية من المحاكم العامة التي تختص بالحكم على الدعاوى المدنية والتجارية التي لا تجاوز قيمتها مائة ألف جنيه، وتكون قراراتها نهائية في حال لم تتجاوز قيمة الدعوى خمسة عشر ألف جنيه. كما تتخصص المحكمة الجزئية في حكم الدعاوى المتعلقة بالمياه وتطهير الترع والمساقي والمطالبات بالأجور والمرتبات وتحديدها، والتسليم العقارات في حال رفعت بصفة أصلية. تتميز المحكمة الجزئية بوجود عدة دوائر متخصصة في النظر في القضايا المختلفة، مثل دائرة القصاص والحدود الاتلافية ودائرة التعزير الاتلافي والمنظم المشتركة. يمكن للمواطنين الحصول على مواقع المحاكم الجزائية في مختلف محافظات المملكة من خلال مواقع الجهات الخاصة بها في وزارة العدل.
اختصاصات محكمة النقض
تحدد قانون السلطة القضائية عدة اختصاصات لمحكمة النقض، حيث تؤلف المحكمة من رئيس ونوابه وقضاة، وتضم دوائر لنظر المواد الجنائية والمدنية والتجارية، بالإضافة إلى الأحوال الشخصية والمواد الأخرى. وتُصدر الأحكام من خمسة قضاة. وتشكل الجمعية العامة للمحكمة هيئتين، إحداهما للمواد الجنائية والثانية للمواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية وغيرها. كما تتولى المحكمة النظر في الطعون المتعلقة بالأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف والأحكام الإنتهائية وطعن النائب العام على الأحكام وطعن الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح وإعادة النظر في الأحوال المنصوص عليها بالقوانين المدنية والجنائية. وإذا رأت إحدى دوائر المحكمة العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة أحالت الدعوى إلى الهيئة المختصة بالمحكمة للفصل فيها
دعاوى المحكمة الجزئية
تختص المحكمة الجزئية بالنظر في الدعاوى التي تتعلق بالانتفاع بالمياه وتظهير الترع والمساقى والمصارف، وتعيين الحدود وتقدير المسافات للمباني والأراضي والمنشآت الضارة، والمطالبات بالأجور والمرتبات وتحديدها، وصحة التوقيع، وتسليم العقارات إذا رفعت بصفة أصلية. يجوز للمحكمة الجزئية الحكم ابتدائياً مهما كانت قيمة الدعوى، وإذا لم تتجاوز قيمتها 5 آلاف جنيه، ويكون الحكم الصادر من المحكمة الجزئية انتهائياً. ويجب على المدعى إخطار ذوي الشأن من الملاك والحائزين وأصحاب الحقوق بالدعوى، وفي حالة عدم الاستدلال على أشخاصهم يتم الإخطار عن طريق الوحدة المحلية المختصة بطريق اللصق في مكان ظاهر بواجهة العقار وفي مقر نقطة الشرطة الواقع في دائرتها العقار وفي مقر عمدة المركز.
المسائل المتعلقة بالولاية الشخصية
تعنى المحاكم العامة بالمسائل المتعلقة بالولاية الشخصية، وتشمل ذلك الدعاوى المتعلقة بحضانة الأطفال وحفظهم ورؤيتهم وضمهم والانتقال بهم، بالإضافة إلى الدعاوى المتعلقة بالنفقات المالية وما يتعلق بها من أجور ومصاريف. كما تتضمن المحاكم العامة دعاوى المهر والشبكة والدوطة والجهاز، ويتم تصحيح القيود الخاصة بالأحوال الشخصية في الوثائق الرسمية الخاصة بالزواج والطلاق بأمر من المحكمة العامة. ويجوز للطرفين الطعن في حكم المحكمة العامة بالطعن في الاستئناف، إلا إذا نص القانون على عدم جواز الطعن به. ويهدف ذلك الإجراء إلى تأمين حماية أفضل لحقوق الأفراد في المسائل الشخصية الحساسة.
دعاوى الحضانة وحفظ الصغير
يُعد حفظ الصغير وحضانته من الأمور التي يوليها القانون المصري اهتمامًا كبيرًا، إذ إنها تقوم على حفظ حقوق الطفل ووقايته من الضرر في حالة عدم استقلاله بأمره. ينظم القانون الحضانة بشكل دقيق، ويجعل الأم أحق بحفظ طفلها في الحياة الأولى ما لم تتزوج بزوج آخر غير أبيه. وتسعى المحاكم المصرية المختصة في قضايا الأسرة إلى حل المنازعات حول الحضانة وحفظ الصغير وتحقيق الصلح قبل التقاضي لحفظ كيان الأسرة باعتبارها أساس المجتمع.
الدعاوى المتعلقة بالنفقات
تندرج الدعاوى المتعلقة بالنفقات تحت الاختصاص المحلي للمحاكم العامة في مصر، وفي ضوء المادة 49 من قانون المرافعات المصري؛ فإن الاختصاص يكون للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه. وفي حالة عدم وجود موطن للمدعى عليه في الجمهورية، يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها محل إقامته. كما نصت المادة 50 من القانون على أن الاختصاص في الدعاوى التي تتعلق بالنفقات يكون للمحكمة التي يقع في دائرتها موضوع الدعوى، وفي حالة تعدد المتضررين يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موضوع الدعوى أو أحدهم، ويمكن للمدعي التقدم بالدعوى أمام المحكمة المختصة بأي من المساكن التي يمتلكها المدعى عليه بما في ذلك المساكن العائدة للأسرة المنفصلة.
تصحيح القيود المتعلقة بالأحوال الشخصية
تُعد محكمة الجزئيات من أهم المحاكم العامة في النظام القضائي، حيث تختص بالنظر في دعاوى الأحوال الشخصية. ومن بين الدعاوى التي يمكن مراجعة المحكمة الجزئية بها تصحيح القيود المتعلقة بالأحوال الشخصية في وثائق الزواج والطلاق. يتم تنظيم هذا الأمر وفقًا لأحكام القانون المنظم لبعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، وتقوم المحكمة بإصدار حكمٍ يصحح هذه القيود. والحكم الصادر من المحكمة الجزئية قابل للطعن بالاستئناف، وذلك ما لم ينص القانون على نهائيته.
اترك تعليقاً